بســم الله الرحمـن الرحيـــم
الحمد لله الذي جعل الشهادة بابا من أبواب الجنة أحمده سبحانه وتعالى ، حث الأمة علي المضي في درب الشهادة في سبيل الملك العلام،
و أشـهد أن لا إله إلا لله وحـده لا شريـك له .
و أشهد أن محـمدا عبده و رسوله خير من ضرب الأمثال في حب الشهادة وفي بدل التضحيات العظام رسول الله ﴿ص﴾ وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار وسلم تسليـما كثــيرا.
يقــول المولى سبحانه وتعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل و القرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم بـه وذلك هو الفوز العظيم.)) التوبةالآية111
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﴿ص﴾ «والذي نفسي بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل» أخرجه البخاري ومسلم.
إنها أمنية و يا لها من أمنية كيف انبعثت من هذا القلب الطهور معبرة أبلغ التعبير عن هذا الحب العميق والشوق العامر إلى هذا الباب العظيم من أبواب جنات النعيم،
أيـها المسلمـون
الدنــيا قرون و القرن هو سنين والسنين هي شـهور والشـهور هي أيام والأيام هي ساعات...إلخ.
وإن في هذه الدنيا أيام لا تنسى ولا يستطيع الإنسان نسيانها حتى لو أراد، وإنه لشرف عظيم أن تكون هناك أيام لا تنسى للأمة الجزائرية و ما أكثر هذه الأيام حتى لو كانت مرة نوعا ما فهي حلوة بعدما تأتي أكلها ،
ومن بين هذه الأيام التي لا تمحى من عقول الجزائريين سواء ممن عايشها أو قرأ أو سمع عنها مجازر 08 ماي خمس وأربعون أيام رسخت في قلوب الجزائريين من أجل أن تبقـى كلمـة « الله أكبر» تدوي من مآذن مساجدنا ومن أجل أن تبقى الحرية منتشرة في ربوع هذا الوطن المفدى؛
لقد عاش آباءنا و أجدادنا أياما لا تنسى فضحوا بأغلى ما يمكن التضحية به ألا وهي دماءهم فقاتلوا وقتلوا قال تعالى «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا»الأحزاب الآية 23
أمن أجل أن يخرج الشعب إلى الشارع ليقول الحق، ترتكب مجزرة في حقـه؟.
أمن أجل أن يخرج الشعب إلي الشارع ليقول لا للاستعمار ترتكب في حــــقه مجـــزرة؟.
نعم من أجل هذا سفـك الاستعمـار الفرنسـي دمـاء آباءنـا وأجـدادنا،
لكن لآبائنا وأجدادنا قلوب معمرة بالإيمان مدركين كامل الإدراك بأنه سيأتي يوم ينتصـر فيـه المظلـوم علـى الظـالم
ينتصـر فيـه الحــق علـى الباطـل
«لقـد جـاء الحـق و زهـق البـاطـل إن البـاطـل كـان زهـوقـا»
ولأنهم يدركون مفهوم الشهادة فهم يقومون بإحيائه في القلوب وبعثه في النفوس، وما ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه في صحيح السنة الشريفة من بيان محكم وإيضاح دقيق لفضل الشهادة ومنازل الشهداء في دار الكرامة عند مليك مقتدر في الطليعة من ذلك بيان صفة حياة الشهداء عند ربهم ، فعن مروان أنه قال سألنا عبد الله عن هذه الآية « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون )) آل عمران الآية 169.. فقال: أما إنا قد سألنا...عن ذلك رسول الله...فقال أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلي تلك القناديل» رواه مسلم.
أيـها المسلمـون
هذا هو إن شاء الله مكان من شارك في مظاهرات 08 ماي1945 فما يسعنا إلا أن نقول للاستعمار، قتلانا في الجنة وبلادنا محررة.
لك الويل أيها الاستعمار كما قال الإمام البشير الإبراهيمي، أهذا جزاء من استنجدتـه في العسـرة فأنجـدك و استصرخته حين أيقنت بالعدم فأوجـدك؟
هذا جزاء من يسهر وأبناؤك نيام، ويجوع أهله وأهلك بطان،أيشرفك أن ينقلب الجزائري من ميدان القتال إلى أهله بعد أن شاركك في النصر لا في الغنيمة ولعل فرحته بانتصارك مساو لفرحته بالسلامة ، أيرجع بعد أن شاركك في إخراج من احتل بلدك فيجد الأب مقتولا والأم مجنونة من الفزع والدار مهدمة أو محروقة والعرض منتهكا؟.
الخطـــــــــــــبة الثانـــــــــــــية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله فاللهم صل وسلم على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيـها المسلمـون
إن يـوم 08 مــاي ... ليـوم مشهـــــــــــود علـى الجزائرييــن.
يا يـوم : لله دماء بريئة أريقت فيك، ولله أعراض طاهرة انتهكت فيك، ولله أموال محرمة أستبيحت فيك، ولله يتامى فقدوا العائل والكافي فيك، ولله أيامى فقدن بعولتهـن فيك ثم كان من اللئيم المكر بهن أن منعن من الإرث والتزوج .
يا يـوم! لك في نفوسنا السمة التي لا تمحى، والذكرى التي لا تنسى ، فكن من أية سنة شئت فأنت يوم 08 ماي وكفى، وكل ما لك علينا من دين أن نحيي ذكراك وكل ما علينـا مـن واجـب أن نـدون تـاريخـك فـي الطروس
لئـلا يمسحـه النسيـان مـن النفـوس.
اللهم اجعـل وطننـا هذا آمنـا مطمئنـا وسائـر بــــــلاد المسلمـين.
اللـــــهم ارحــــــــــــم شهدائـــــــنا الأبرار
اللهم ألهم نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها و مولاها.
اللهم باعد بيننـا وبيـن خطايانـا كمـا باعدت بين المشرق والمغرب.
اللهم إنـا نسألـك خيـر الدعـاء وخير النجـاح وخيـر العمـل
وخيـر الثـواب وخير الحياة وخير الممات.
اللهم ثبتنـا وثقل موازيننا وحقق إيماننا وأرفع درجاتنـا وتقبل صلاتنـا.
اللهم إنا نسألـك أن تنجنـا مـن النـار سالميـن وأدخلنا الجنة آمنين.
اللهم اجعل لنا عندك زلفى وحسن مآب واجعلنا ممن يخاف مقامك ووعدك ونرجـو لقـاءك.
اللهم اجعلنا نتوب إليك توبة نصوحا و نسألك عملا متقبلا وسعيا مشكورا
و تجارة لن تبور.
عباد الله اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه عل نعمه يزدكم واستغفروه يغفر لكم فيا فوز المستغفرين ويانجاة التائبين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.